انتظرْتُ قدوم شخص ليصطحبني إلى شاطئ
قيل أنه غير بعيد، نظرت في لهفة إلى كرسيِّ المتحرّك علّه يتحرّك بقوّة متدفّقة من
عينيَّ...ألا يقولون بأنهما "نافذة الروح"؟ فلما لا تساعدانني في دفع
الكرسي؟ جاءت المرافقة و لكن مرافقة الروح تأخرت. خرجنا و هي تدفع بي الكرسي،
تتلاحق الكلمات من فمها تحاول أن تتواصل مع إدراكي بلا جدوى...
صرخةُ طفلة رفضت الأيّام إعلان وجودِها في هذه الحياة فكان الصّمتُ غِشاءَها لتعيشَ في صِباه خطأ طٍبّي أثناء ولادتِها سَعَى بها إليك فكان موعدٌ خطّهُ القَدر للتّعرفِ عليك أتَتْكَ بجُرحٍ ثَغرُه أَبـَى إلاَّ الابتسام لم تكُن تَعرِفُكَ حينها سِوى طبيبا، الحنانُ على صدرِه وسام كبُرَتْ .. تَقلَّبت بين الأمل و الحيرة و مرَّت السّنين
اجتمع العلم و المال و الشرف لدى رجل و عاشوا في كنفه طيلة سنوات ذات يوم قرر ثلاثتهم الافتراق فسال المال العلم: "يا صديقي اذا أردنا البحث عنك فأين نجدك؟" اجاب :"تجدانني في دور العلم و مراكز البحث" ثم سأل العلم المال : "و أنت أيها المال إذا أحببنا السؤال عنك، أين نجدك؟" قال بكل فخر: "تجدانني أكيد في بيوت المال" التفت كليهما فجاة إلى صديقهما الشرف الذي بقي صامتا و كأن على رأسه الطير وقد اعترته هالة من الحزن
في ذاك المنزل كان لأي شخص أن يفهم كيف تماسكت قبل أن تعي دور قدميها، كانت تحاول جاهدة لمس دميتها بحنان أرهقته ارتعاشة أنامل يدها اليسرى و حركات لا إرادية في يدها اليمنى تقضّ مرجعية التوازن و هي تقف على ركبتيها. حملت الدمية بأنامل تتحسس الحنان، تريد أن تجود برقّة مشاعرها لدمية كأنها فرّت من الأحياء خوفا من الزحام... قبَّلتها الطفلة كأمّ معتذرة عن تقصير في الملاطفة و حاولت تعويضه بتبذير باللفظ كمصالحة: "آه لو تعلمين يا بنيتي كم أحبكِ!" حدّقت بعينيها فجأة لتبحث في أرجاء الغرفة عن مرادف لقولها بفعل استمدّته من مُلهِمتها، صمتت هنيهة لتُردف "نعم، أحبّكِ تماما كحبِّ ماما لي" و ابتسمت في تقاطع من التعاطف الخيالي والتعقّل في وضعها الواقعي.
هو: "كيف الحال يا عصفورتي الخضراء؟" هي: "حصريّا مستبشرة بقدومكَ يا رجل" هو: "وأنا ما عاد لي وجه .. من الخجل" هي: "أرى انتقامي منكَ جاء على عجل" هو: "وهل تنتقم الرموش من العيون!!" هي: "في سكون اللّيل نعم تطبق عليها كالسجون" هو: "كلّ جرح منكِ دواءٌ يا عصماءُ" هي: "ويلكَ، أما علِمتَ أن جرحي كنقشٍ على صخرة صمّاء؟"
في اليوم العالمي لذوي الإعاقة ـــ ذوي الإرادة: اخترت أن أحتفل بوجودي بعيدا عن غوغاء الجمعيّات و وعود السلطات... أحلّق بروحي بعيدا نحو عالم الخيال، أطهّرها من الجروح و الآلام، وأحيك لها ثوبا يليق بها من الطموح و الآمال... أُلامِسُ برجليَّ رمال الشاطئ المستلقية و نظراتي تجذِب حبّ الناس لي بتلقائية... من أعلى عرش كرسيّ أتلذَّذ بصمت فاكهة كفاحي و أحلِّي بسيرتي أفواه كلّ من ساعدوني في نجاحي... اليوم، أنا هنا لأشكر جميع من أحبّني من الضّمائر الحيّة و لأعلن عن سحب احترامي من بعض القلوب الإنسيّة التي ظنَّت أنني منسيّة
و أخيرا أقول: دمتم يا من أحببت بصحة و رخاء و شفى الله أمثالي من أصحاب الابتلاء الذي نحن به سعداء
أحبكم جميعا دون إقصاء أو استثناء